الجانب العسكري للبحر المتوسط
شهد البحر الأبيض المتوسط فترات سلم كان يتم فيها تبادل السلع والبضائع والأفكار والثقافات والنظريات والتصورات الحرفية والمهنية بين شعوب المنطقة، إذ يشهد التاريخ للدولة الفينيقية بما كانت تقوم به من تبادل تجاري مع الدول المجاورة على الخط الساحلي للبحر. فقد "ارتبط دخول المغرب إلى التاريخ القديم لحوض البحر الأبيض المتوسط بمجيء الفينيقيين؛ وكان هؤلاء التجار الجريئون- الذين اخترعوا الكتابة الأبجدية- هم الذين أدخلوا إلى المغرب السلع والمؤثرات الثقافية المتوسطية... وقد ساروا بمحاذاة الساحل الأطلسي الإفريقي بحثا عن العاج والذهب فترددوا على الموانئ الموجودة على السواحل المغربية.".4، كما ترك القرطاجيون آثارهم الاقتصادية والثقافية الإيجابية في المناطق التي كان يحكمها الأمازيغ:" ومهما يكن – يقول الباحث المغربي محمد بوكبوط- فإن الحضارة القرطاجية تركت بصماتها على واقع الأمازيغ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي...
غير أن الآثار المادية تدل على أن الأمازيغ عرفوا الزراعة وغرس أشجار الزيتون والتين والكروم قبل مجيء الفينيقيين أو القرطاجيين."5
أما الرومان فكانت معاملتهم سيئة مع دول الجوار وخاصة مع الشعب الأمازيغي الذين كان يسكن موريطانيا الإفريقية. فقد استهدفت الإمبراطورية الرومانية إذلال هذا الشعب واستنزاف خيراته والاستيلاء على ثرواته، بيد أن الشعب الأمازيغي لم يرض بهذا الاحتلال الجشع وقام بثورات مضادة كثورة إيدمون وثورة موريطانيا الطنجية وثورة إفريقيا الرومانية وثورة دوناتوس وثورة تاكفاريناس.... ويقول محمد بوكبوط في هذا الصدد:" وطبقت روما سياسة اقتصادية جشعة طوال احتلالها، تلخصت في جعل ولاياتها تخدم اقتصادياتها وتلبي حاجياتها من الغذاء والتسلية لفقرائها... والتجارة المربحة لتجارها والضرائب لدولتها... والإبقاء على النزر اليسير لسد متطلبات عيش الامازيغ الخاضعين..."6 .
أما الإسلامفقد عمل على نشر الدين الجديد على أساس العدالة الاجتماعية الفضلى والمعاملة الإنسانية والجدال الحسن وتطبيق سياسة لا إكراه في الدين. وقد تمرد الأمازيغ عن الإسلام فيالبداية كما يقول ابن خلدون أكثر من ثلاثين مرة، ولكنهم لما اكتشفوا سماحة هذا الدين وحلاوة تعاليمه الربانية وإنسانيتهفي التعامل اعتنقوا الدين الجديد وتقبلوا رجاله ومبادئه واستسلموا لسلطته الدينية والسياسية بطواعية وإخلاص.
وفي نفس الوقت، عرف البحر الأبيض المتوسط فترات حالكة بسبب الحروب والحقد وسوء التفاهم والرغبة في التوسع والهيمنة والسيطرة على الشعوب المجاورة الضعيفة لاستغلالها والاستيلاء على ثرواتها وممتلكاتها. ومن الحروب التي شهدها البحر المتوسط الحرب الإغريقية- الفارسية، والحروب البونيقية بين الرومان وقرطاجة، والحروب الرومانية ضد الأمازيغ، والحروب الصليبية ضد المسلمين، وحروب الجهاد ضد النصارى،وحروب القرصنة، ومعركة القسطنطينية، ومعارك الدولة العثمانية في صراعها مع دول البلقان، وحروب التوسع الإمبريالي التي أدت إلى الحربين العالميتين: الأولى والثانية.
color=blue]خاتمةcolor]:[/]
تلكم هي - إذاً- نظرة موجزة عن البحر الأبيض المتوسط باعتباره منبع الحضارات المتقدمة اليانعة التي ساهمت في تنوير العالم وتغييره إيجابيا قصد تحريره من عالم الظلمة والجهل والتخلف وإخراجه إلى عالم النور والازدهار والتقدم. ويمكن القول: إن هذا البحر هو الذي رفع الإنسان وسما به ذهنيا وأخلاقيا وماديا وروحيا. كما يتسم هذا البحر المتميز بتعدد الأديان واختلاف الشعوب وكثرة الأعراق وتنوع الثقافات وازدهار الفنون وانتعاش الآداب. ولقد انطلق من هذا البحر الواسع الشاسع التفكير الفلسفي والتفكير العلمي وتجاوز الوعي الأسطوري والتفكير اللاهوتي نحو يناء الحضارة الغربية المعاصرةعلى ضوء التكنولوجيا المعاصرة سواء أكانت تقنية أم رقمية.
لكن هذا البحر الهادئ الدافئ المسالم سرعان ما تحول إلى ساحة للمعارك الملاحية والجوية والبحرية بسبب الأحقاد والأطماع والنزاعات الواهمة الزائفة والرغبة في السيطرة الاستعمارية والهيمنة الإمبريالية والتوسع الاستيطاني.
[/color[/size[/colo[/size]r]]] [color=blue]هاد موضوع جدا مهم لي البحر الأبيض المتوسط وانا مهمة زيو قولولي رأيكم